انت الان في كلية العلوم الادارية

مقال بعنوان: دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز بيئة العمل اللائق وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام تاريخ الخبر: 02/02/2025 | المشاهدات: 442

مشاركة الخبر :

دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز بيئة العمل اللائق وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام
بقلم: أ.د حيدر علي الدليمي
كلية العلوم الادارية / جامعة المستقبل
31/1/2025
مقدمة:
يُعَدُّ الذكاء الاصطناعي من أكثر التقنيات تطورًا وتأثيرًا في العصر الحديث، حيث يُسهم بشكل كبير في إحداث تحولات جذرية في سوق العمل والاقتصاد العالمي. ومع تسارع تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، أصبح له دور حيوي في تعزيز بيئة العمل اللائق، ورفع مستويات الإنتاجية، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. وفي ظل التوجهات العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبالأخص الهدف الثامن المتعلق بـ ”تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع، وتوفير العمل اللائق”، أصبح من الضروري دراسة دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق هذه الأهداف.
الذكاء الاصطناعي والعمل اللائق:
1) تحسين ظروف العمل وتخفيف المخاطر:
يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين بيئة العمل من خلال تقليل المخاطر التي يتعرض لها العمال، خاصة في القطاعات الخطرة مثل التعدين، والصناعة الثقيلة، والبناء. حيث تُستخدم الروبوتات والأنظمة الذكية لأداء المهام الصعبة أو الخطرة، مما يقلل من الحوادث المهنية ويحافظ على سلامة العمال.
2) تعزيز المهارات وتطوير الكفاءات:
يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين مهارات العاملين من خلال أنظمة التدريب الذكية التي توفر برامج تعليمية متخصصة بناءً على احتياجات الأفراد. كما تسهم تقنيات التحليل الذكي للبيانات في تحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل، مما يمكًن العمال من تطوير قدراتهم بشكل مستمر والتكيف مع المتغيرات التكنولوجية.
3) تحسين ممارسات التوظيف وتحقيق الشمولية:
تستخدم الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف لضمان العدالة والشفافية، حيث تساهم الخوارزميات الذكية في تحليل السير الذاتية واختيار المرشحين وفق معايير موضوعية، مما يقلل من التحيز البشري ويعزز فرص التوظيف العادل. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي في خلق فرص عمل جديدة تتناسب مع التحولات الرقمية.
الذكاء الاصطناعي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام:
1) زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة الأعمال:
يعمل الذكاء الاصطناعي على رفع كفاءة الإنتاج وتحسين عمليات التصنيع والخدمات، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية. فمن خلال الأتمتة وتحليل البيانات، تستطيع الشركات تحسين عملياتها، وتقليل الهدر، واتخاذ قرارات أكثر دقة.

2) دعم ريادة الأعمال والابتكار:
يساهم الذكاء الاصطناعي في تمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة من تطوير حلول مبتكرة، مما يعزز من التنوع الاقتصادي. فمن خلال تقنيات التحليل الذكي والتعلم الآلي، يتمكن رواد الأعمال من دراسة الأسواق واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على بيانات دقيقة، مما يساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
3) تعزيز استدامة الاقتصاد من خلال الاستخدام الأمثل للموارد:
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في تحقيق الاستدامة الاقتصادية من خلال تحسين استهلاك الموارد الطبيعية، والحد من التلوث، ودعم الاقتصاد الدائري. فعلى سبيل المثال، تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات الصناعية، مما يقلل من البصمة البيئية ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
التحديات المرتبطة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في سوق العمل:
رغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات يجب مواجهتها لضمان تحقيق بيئة عمل لائق ونمو اقتصادي متوازن، ومن أبرز هذه التحديات:
- استبدال بعض الوظائف البشرية: قد تؤدي الأتمتة إلى فقدان بعض الوظائف التقليدية، مما يستدعي وضع سياسات لدعم العمال المتأثرين وإعادة تأهيلهم.
- التفاوت في فرص الوصول إلى التكنولوجيا: تحتاج الدول النامية إلى دعم تقني وبنية تحتية متطورة لضمان استفادتها من مزايا الذكاء الاصطناعي.
- الاعتبارات الأخلاقية والخصوصية: يجب وضع ضوابط أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل لضمان حماية خصوصية الأفراد والحد من التمييز الخوارزمي.
أخيرا يُعد الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا لتحقيق العمل اللائق والنمو الاقتصادي المستدام، حيث يسهم في تحسين ظروف العمل، وزيادة الإنتاجية، ودعم الابتكار. ومع ذلك، فإن الاستفادة المثلى من هذه التقنية تتطلب سياسات حكومية داعمة، وتعاونًا بين القطاعين العام والخاص، وبرامج تدريب مستمرة للعمال. ومن خلال تبني استراتيجيات شاملة، يمكن تحقيق توازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والحفاظ على بيئة عمل عادلة ومستدامة.
#الجامعة الأولى في العراق