انت الان في قسم الأدلة الجنائية

استخدام تقنية الحمض النووي في الأدلة الجنائية (م.م فاطمة حبيب ابراهيم) تاريخ الخبر: 06/02/2025 | المشاهدات: 280

مشاركة الخبر :

استخدام تقنية الحمض النووي في الأدلة الجنائية

تعتبر تقنية تحليل الحمض النووي (DNA) واحدة من أبرز الثورات العلمية التي غيرت بشكل جذري كيفية التحقيق في الجرائم وحل القضايا الجنائية. هذه التقنية، التي تعتمد على استخراج وتحليل الحمض النووي الموجود في الخلايا البشرية، تُعد من أكثر الأدوات دقة وفعالية في تحديد هوية الجاني أو البراءة. في هذه المقالة، سنستعرض كيفية استخدام تقنية الحمض النووي في الأدلة الجنائية، أهميتها في التحقيقات، والتحديات المرتبطة بها.

1. تطور استخدام الحمض النووي في الأدلة الجنائية

في الماضي، كان اكتشاف الأدلة الجنائية يعتمد في الغالب على البصمات، الشهادات، و التحقيقات التقليدية. لكن مع اكتشاف الحمض النووي وتطوير تقنيات تحليله في الثمانينات، أصبح لدى المحققين أداة قوية يمكن أن تثبت هوية الجاني أو تثبت البراءة. في عام 1985، قام عالم الوراثة البريطاني أليك جيفريز بتطوير تقنية تحليل الحمض النووي لأول مرة، وفي 1987 تم استخدامها في القضية الجنائية الأولى في بريطانيا، مما ساعد في حل القضايا الجنائية المعقدة.

2. كيفية عمل تحليل الحمض النووي في الأدلة الجنائية

الحمض النووي الموجود في خلايا الجسم يحتوي على معلومات جينية فريدة تميز كل فرد عن الآخر، ما عدا التوائم المتطابقة. يمكن استخراج الحمض النووي من الأدلة البيولوجية الموجودة في مسرح الجريمة مثل الدم، الشعر، اللعاب، البول، و الخلايا الميتة.
• جمع العينات: يتم جمع عينات من الأدلة البيولوجية بعناية من مسرح الجريمة. تشمل هذه العينات الملابس، الأسطح الملوثة، أو الأدوات التي قد تحتوي على الحمض النووي.
• استخراج الحمض النووي: يتم عزل الحمض النووي من العينات المجمعة.
• تحليل الحمض النووي: يتم تحليل التسلسل الجيني للتأكد من تطابقه مع شخص معين.

تقنيات مثل التفاعل المتسلسل للبلمرة (PCR) تُستخدم لتكثير وتحليل كميات صغيرة جداً من الحمض النووي، مما يسمح بالكشف عن الأدلة حتى في الحالات التي تكون فيها العينات محدودة.

3. أهمية الحمض النووي في التحقيقات الجنائية

تعتبر تقنية الحمض النووي أداة حاسمة في حل القضايا الجنائية لعدة أسباب:
• الدقة العالية: الحمض النووي يعتبر دليلاً قويًا وموثوقًا يقترب من أن يكون نهائيًا، حيث أن تطابق الحمض النووي بين الجاني والموقع الجنائي يعد من أكثر الأدلة قوة في المحكمة.
• تحديد الهوية بشكل قاطع: يمكن استخدام الحمض النووي لتحديد هوية الجاني أو حتى إثبات براءة شخص متهم بشكل لا يقبل الجدل.
• إغلاق القضايا القديمة: في بعض الأحيان، قد تُحل القضايا القديمة التي لم يتمكن المحققون من حلها باستخدام الأدلة التقليدية عبر استخدام تحليل الحمض النووي، مما يساعد في إغلاق القضايا المجهولة (Cold Cases).
• مساعدة في القضايا المعقدة: يمكن للحمض النووي أن يُحسن التحقيقات في الجرائم الجنسية، حيث يمكن تحديد الجاني بدقة من خلال السائل المنوي أو اللعاب.

4. استخدام الحمض النووي في أنواع مختلفة من الجرائم
• القتل: يتم استخدام الحمض النووي في قضايا القتل لتحديد الجاني بناءً على العينات البيولوجية الموجودة في مسرح الجريمة. يمكن تحليل الدم أو الشعر أو الجلد لتحديد هوية القاتل.
• الاغتصاب: في حالات الاغتصاب، يُعتبر الحمض النووي أداة قوية في تحديد الجاني من خلال تحليل السائل المنوي أو أي عينات أخرى قد تكون موجودة في المكان.
• السرقة: يمكن استخدام الحمض النووي لتحديد الأشخاص الذين تواجدوا في مسرح الجريمة، حتى إذا لم تكن هناك أدلة مادية واضحة.
• قضايا براءة: تم استخدام تحليل الحمض النووي لإثبات براءة العديد من الأشخاص الذين تمت إدانتهم بشكل خاطئ في القضايا السابقة، خاصة في قضايا الإعدام أو السجن مدى الحياة.

5. التحديات المرتبطة باستخدام الحمض النووي في الأدلة الجنائية

رغم أهميته الكبيرة، إلا أن استخدام تقنية الحمض النووي في التحقيقات الجنائية يواجه عدة تحديات:
• إمكانية التلوث: الأدلة البيولوجية قد تتعرض للتلوث في مسرح الجريمة أو أثناء عمليات جمع العينات، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائج خاطئة.
• التفسير الخاطئ: في بعض الحالات، قد يتم تفسير نتائج تحليل الحمض النووي بشكل غير دقيق أو يتم استخدام تقنيات قد تكون غير مُتوافقة مع المعايير العلمية.
• الخصوصية: مع تقدم تقنيات تحليل الحمض النووي، أصبح من الممكن تحليل أدلة حمض نووي قد تكون مرتبطة بأشخاص أبرياء. هذه المسائل الأخلاقية قد تثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع هذه البيانات.

6. الخلاصة

تقنية الحمض النووي تمثل ثورة في علم الأدلة الجنائية، حيث أصبحت أداة أساسية في التحقيقات الجنائية وتقديم الأدلة المحكمة. تساعد هذه التقنية في حل القضايا المعقدة التي كان من الصعب حلها باستخدام الأساليب التقليدية. ومع ذلك، ينبغي التعامل مع الأدلة البيولوجية بعناية تامة للحفاظ على دقتها وتجنب التلوث أو التفسير الخاطئ.

جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق